المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسرار الحياة الطويلة والصحية


kmalsamer
01-17-2015, 10:50 PM
كيف نعيش إلى المئة :
معظمنا عاش حياته وهو يرقب والديه أو أجداده يتقدمون في السن وقد أنهكهم التعب وأضعف أجسادهم سوء الصحة لينتهي بهم الأمر إلى الموت البطيء المؤلم . فهل من وسيلة لتغيير هذه النهاية الكئيبة ؟ على مايبدو أن كثيرين يحاولون الإفادة من تجربة المعمرين . وأظهرت استفتاءات عدة أجريت في الولايات المتحدة الأميركية أن أبناء الخمسين اليوم جادون فعلاً في محاولة العيش حتى المئة من العمر وأكثر , وحريصون على أن يبلغوا هذه السن في أفضل حالة صحية ممكنة .


ويشير عدد متزايد من الأبحاث إلى أن الأمراض المزمنة ليست نتيجة حتمية للتقدم في السن , كما ساد الأعتقاد طويلاً , بل هي نتيجة لأسلوب الحياة الذي نختار , وهو أسلوب يمكننا رفضه وتغييره . يقول د. توماس بيرلز , أن المدرس في كلية هارفرد للطب ومدير دراسة نيو إنغلاند للمعمرين : كان الناس يقولون ( من يريد بلوغ المئة من العمر ؟ ) أما اليوم فهم يلحظون أنها فرصة عظيمة . وظهرت مؤلفات عدة تحث الناس على العمل على إطالة أعمارهم وترشدهم إلى أفضل الوسائل لتحقيق ذلك . لكن معظمنا لن يبلغ عامة المئة حتماً وذلك إما بسبب جينات وراثية سيئة وإما لسوء الحظ . ولن يتمكن الدواء من تحقيق معجزات , فإمكانات الدواء والجراحة محدودة متى بدأت صحة الجسم بالتراجع . ولكن ماهو أكيد أن بإمكاننا إطالة أعمارنا ولدينا الأدوات اللازمة التي هي في متناول يد كل فرد .


لقد تضاعفت تقريباً متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الـ 75 سنة الماضية , وارتفع من 47 إلى 76 سنـة . وبالرغم من ندرة المعمرين إلا أنهم يشكلون الآن الجزء الأكثر نمواً من سكان الولايات المتحدة . وقد إزدادت صفوفهم 16 ضعفاً على مدى العقود الستة الماضية , من 3700 معمر في العام 1940 إلى ما يقارب 61 ألف معمر في آخر القرن العشرين , وهذا أول الغيث فقط . وإن كان العجز جزءاً من عملية التقدم في السن لا مهرب منها , لكانت هذه الأعداد نذيراً للمشاكل . لكن الإثبات يشير إلى أن الأميركيين يعيشون بشكل أفضل وأطول . وتراجع معدل العجز بين الأشخاص الذين تجاوز عمرهم 65 عـــاماً باطراد منذ بداية الثمانيات , فيما نسبة المتقدمين في العمر الذين يعانون من ضغط الدم العالي والخرف وتصلب الشرايين تتقلص . أكثر من ذلك , اكتشف الباحثون أن الأشخاص الأكبر سناً بين المتقدمين في العمر يتمتعون عادة بصحة أفضل من أولئك الذين في السبعين . فالمعمرون الذين شاركوا في دراسة نيو إنغلاند , والذين بلغ عددهم 79 , عاشوا باستقلالية خلال أوائل العقد التاسع من حياتهم متناولين نوعاً واحداً من الدواء .


لقد أحدثت هذه الاكتشافات ثورة في علم التقدم في العمر . فحتى وقت قريب كان المرضى محط الإهتمام إلى حد أن القليل من البحث قد أجري حول الأشخاص المعمرين الذين أبلوا حسناً في حياتهم . لكن العقد الماضي شهد نشر المئات من الدراسات التي تشرح العوامل التي تساعد
الناس على عيش السنوات الأخيرة وهم يتمتعون بعقل صاف وأجسام قوية . وأكد البحث أن المتقدمين في العمر تأكدوا من فائدة إختيار الأسلوب السليم في الحياة . إن الطريقة التي تتقدم فيها بالعمر تعتمد أقل على من نكون , وأكثر على كيفية الحياة التي نعيش , مانأكل , وكم نمارس التمارين الرياضية وكيف نستخدم عقولنا.
أثبتت الأبحاث أن ممارسة التمارين الرياضية لها مفعول السحر على حياتنا , حتى وإن مارسناها في وقت متأخر من العمر . فهي أشبه بدواء يمكنه أن يبقي المرء قوياً وذا لياقة جسدية عالية في ماهو يتقدم في العمر , وقادراً في الوقت نفسه على حماية القلب والعظام , وتحسين المزاج والنوم والذاكرة وإبعاد خطر سرطان الثدي والقولون , والتقليل من خطر الموت قبل الأوان . ويتفق الخبراء أن معظم الانحطاط الجسدي الذي يعاني منه المتقدمون في العمر لايعود إلى العمر بل إلى عدم استعمال الجسم بشكل جيد . فعندما نمضي أيامنا بلا حراك سنة بعد سنة تصاب العظام والعضلات والأجهزة العضوية بالضمور . لكن القيام بالتمارين الرياضية يحافظ عليها , بل إنه يُحييها .


عندما بدأ د. رالف بافـنـبارجر بتعقب الحالة الصحية لـ 19 ألف خريج من هارفرد وجامعة بنسـلفانيا في أوائل الستينات , كان العديد من الخبراء يعتقدون أن التمارين الرياضية القاسية خطرة على من هم فوق الخمسين من العمر . وبمراقبة مستوى نشاط المتطوعين وحالتهم الصحية عبر السنين , قلب د. بافنبــارجر , إختصاصي علم الأوبئة في جامعة ستانفورد , هذا الرأي رأساً على عقب . وقد أظهر بافنبــارجر في دراسة مهمة في العام 1986 أن معدل الوفاة عند المشاركين تراجع بنسبة مباشرة .
مع عدد السعرات الحرارية التي أحرقوها كل أسبوع . فالذين أحرقوا 2000 سعرة في الأسبوع , أي العدد الذي يستهلكه المرء في قطع مسافة 20 ميلاً , كان معدل الوفيات السنوية بينهم أقل من النصف مقارنة مع الخاملين منهم وذلك عائد إلى إنخفاض معدل مرضى القلب .


لم توضح الدراسة لتحديد معايير فوائد أي تمرين رياضي معين , لكن دراسات لاحقة بينت أن عائد النشاط المتبع يختلف باختلاف النشـأط الممارس . الجميع اليوت يتفق على أن تمارين الأيروبيك تحفظ القلب والرئتين والدمـاغ . وأثبت الباحثون في جامعة تافت مؤخراص أن رفع الأثقال بإمكان أن يفيد المتقدم في العمر كما تفعل مع الشباب . وعندما قامت د. ماريا فياتارون بالطلب من 10 أشخاص يعانون من أمراض مزمنة ويقيمون في مراكز رعاية برفع الأثقال عشر مرات في الأسبوع لمدة شهرين , إزداد معدل سرعة سيرهم حوالي ثلاثة أشعاف , فيما تحسنت قدرتهم على التوازن بمعدل النصف . في حين تجراً اثنان منهم على التخلي عن استعمال العصا . ميريام نيلسـون باحثة أخرى من جامعة تافت أثبتت كيف أن سلسلة من تمارين القوة البسيطة يمكنها أن تساعد في تجنيب النساء استخدام العصـا .وعملت على توظيف 40 متطوعة , جميعهن بلغن سن اليأس ولا يتناولن هورمــون الأستروجين , وقسمـتهن إلى مجموعتين , مجموعة تابعت حياتها كالمعتاد , في حين قامت المجموعة الأخرى برفع الحديد مرتين في الأسبوع . خلال عام خسرت مجموعة المراقبة جزءاً من كثافة عظمهن , لكن المجموعة الثانية عرفت زيادة ضئيلة في كثافة العظام . ولم تفقد المشاركات في هذه المجموعة
الوزن , فليست هذه الغاية , إنما فقدن الشحم وانتهى الأمر بالعديد منهن ليصبحن نسبياً أقوى من بناتهن اللواتي كنً أصغر بثلاثين إلى أربعين سنة .
كلنا يعلم أن العيش على الدهنيات والملح والسعرات الحرارية التي لاقيمة غذائية لها ينتج عنها مجموعة عواقب وخيمة , من البدانة المفرطة والعجز الجنسي إلى ضغط الدم العالي ومرض القلب . ومع ذلك يبدو أننا ننسى أن ثمة طرقاً أخرى للأكل , وأن الأشخاص الذين يعتمدونها يحافظون على شباب لوقت أطول .
إن التأثيرات التي تنعكس على عملية التقدم في العمر الناتجة عن اعتماد غذاء يرتكز على النبات أمر مفروغ منه . ففي دراسات مراقبة , أظهر اختصاصي القلب دين أورنيش أن الغذاء الذي يعتمد على القليل من الدهون والأطعمة الغنية بالمواد المغذية لايحمي من مرض القلب (السبب الرئيسي للوفيات المبكرة في العالم الغربي ) وحسب , وغنما يمكن أن يساعد في عكس الحالة إذا كانت قد بدأت . كما تشير دراسات أخرى إلى أن إجراء تغييرات على نوعية الغذاء قد يزيل في النهاية ضغط الدم العالي والأخطار المرتبطة به مثل النوبات القلبية والفشل الكلوي . ويقول الخبراء إن ضغط الدم العالي ليس جزءاً لايمكن تجنبه من عملية التقدم في العمر , بل هو داء المدنية إذ تصيب هه الحالة ثلث الأميركيين في حدود الخمسين من العمر , ونصف هؤلاء في الستينات , وأكثر من ثلثي من هم فوق السبعين . لكن هذا النمط لم تكن تعرفه المجتمعات ماقبل الثورة الصناعية . فالناس في المجتمعات البدائية , سواء كانوا يعيشون في الصين أو أفريقيا أو ألاسكا أو الأمازون , لايختبرون تغييراً في ضغط الدم مع تقدمهم في العمر , والسبب بسيط : هم لايأكلون الأطعمة المصنعة .
خلال العقد الماضي , قام الدكتور بول وهلتـون من كلية الصحة العامة في جامعة تولان بتعقب 15 ألف شخص من سكان جنوب غرب الصين الأصليين . ووجد أنهم طالما يأكلون الغذاء التقليدي , والذي يعتمد على الأرز والقليل من اللحم والكثير من نالفواكه والخضار الطازجة , فإنهم في مأمن من إصابتهم بضغط الدم العالي . لكن عندما يهاجرون إلى البلدان القريبة يبدأ ضغط دمهم بالارتفاع مع تقدمهم في العمر .
ويعلق وهلتـون على ذلك قائلاً : ( إن جيناتهم الوراثية لاتتغير عندما ينتقلون , لكن غذائهم يتغير ) .


ماهو المؤذي في الأطعمة المصنعة ؟
الملح هو أحد المشتبه بهم . فعندما يرتكز الغذاء بشكل أساسي على الأطعمة النباتية الطازجة , كما كان حال أجدادنا لقرون طويلة , نحصل على كمية من البوتاسيوم أكبر عشر مرات من كمية الصوديوم . وهذه النسبة , أي 10إلى 1 , هي النسبة التي جهزت أجسامنا للتعامل معها . لكن الملح يضاف الآن إلى الأطعمة في كل مرحلة من مراحل التصنيع والإعداد , فيما يتسرب منها البوتاسيوم إلى الخارج , والنتيجة أن معظمنا اليوم يستهلك كمية الملح أكبر من البوتاسيوم . وقد أظهر الباحثون أن تناول ملحق بوتاسيوم يساعد على إعادة التوازن . لكن البوتاسيوم واحد من العناصر المتعددة المقاومة للشيخوخة الموجودة في الطعام الحقيقي , فالفيتامينات المضادة للأكسدة في الطماطم أو ورقة خضراء يمكن أن تساعد في تعزيز المناعة وإبطاء تآكل
أغشية الخلايا الشائخة , ويساعد فيتامين (ب) على حماية القلب . وبتناول الأطعمة النباتية يوفر المرء لنفسه مواداً كيميائية نباتية المنشاً محاربة للسرطان , وكالسيوم للحفاظ على العظام , والألياف الضرورية للمحافظة على القولون وتعديل السكر في الدم . والأفضل من كل هذا أن المرء يتناولها دون أن يخاف من السمنة .

التواصل الإجتماعي أساس آخر لطول العمر
إن الشيخوخة الناجحة تعتمد كذلك على الناحية النفسية للمرء . فالوحدة , على سبيل المثالث , تسرع الموت مهما بلغ الإهتمام الواعي بالجسم . إن الإنسان يعيش حياته محاطاً بالرفقة . والأشخاص الذين ينجحون في المحافظة على شبكة من الدعم الإجتماعي يعرفون شيخوخة أفضل . ويبدو أن المتقدمين في العمر ميـالون , بدون وجود رفقة تؤنسهم , إلى معرفة حالات الإجهاد النفسي الذي يُسهم بشكل قياسي في مرض القلب والسـرطان والحوادث . كما يربط الباحثون بين الشيخوخة الناجحة والحوافز الذهنية . فالدماغ الخامل يتدهور تماماً كما قد تتدهور حال ساق لاتستخدم . وكما أن التمارين الرياضية قادرة على منع ترهُل العضلات , فإن التحديات الذهنية تبدو قادرة على حماية العقل والجهاز المناعي . لكن مايشير إعجاب الباحثين في دراستهم للمعمرين حتى الآن .


معجــزات .. للاستمـــرار
ماتزال إمكانية إضافة بضع سنوات إلى حياتنا أمراً يتطلب الكثير من العمل الشاق . لكن علم الطب يميل إلى تحقيق قفزات قياسية , كما فعل في موضوع اللقاحات والمضادات الحيوية . وفي الواقع , ثمة بعض المعجزات الحتملة فعلاً في أفق البحث الطبي .


علاج Telomere
إن الكروموزومات , وهي رزم الحمض النووي الريبي المنقوص الأوكسجين (DNA) التي تحمل المعلومات الوراثية , تنتهي في آخرها بأجزاء تحفظ توازنها يطلق عليها Telomere . وفي كل مرة تتكاثر الخلية تقصر الـ Telomere . مما دفع بعض العلماء إلى الاعتقاد بأن هذه الأجزاء هي التي تنظم مدة العيش بشكل إجمالي . لكن هذا لم يكن صحيحـاً , وتبين أنها تلعب دوراً في شيخوخة الخلايا . إذ يبدو أنها تنظم عدد المرات التي تنقسم فيها الخلية قبل أن ينتهي أمرها . فإن تم إيجاد طريقة لإطالة Telomere فقد يساعد هذا في منع عدد من المشاكل المرتبطة بالشيخوخة , كما يدخل البحث في Telomere في أبحاث السرطان أيضاً . فخلايا السرطان تتكاثر بشكل غير منتظم , Telomere الخاصة بها لاتقصر .

مضادات الأكسدة الوراثية
إحدى نظريات حصول الشيخوخة هي أن عملية الأيض الطبيعية في الجسم , أي امتصاص الأوكسجين والمود المغذية وتحويلها إلى مواد مفيدة وطاقة , تمتزج بمواد مؤذية . هذه
الجزيئيات , التي تسمى الجذر الحرة تؤدي إلى أكسدة الجزيئيات الأخرى في الجسم , وتغيير بنيتها بطريقة مؤذية . ويزداد ها الضرر أكثر مع مرور الوقت . لكن الجسم ينتج أنزيمات تعمل كمضادات للأكسدة . في العام 1994 قام راجيندار سوهال وويليام أور من الجامعة الميثودية الجنوبية بإنتاج ذباب الفاكهة باستخدام الهندسة الوراثية لإنتاج المزيد من هذه الإنزيمات . وقد عاش الذباب فترة أطول بـ 30 في المئة مما هو مفترض وكانت أكثر نشاطاً . فإن أمكن إقحام جينات للأنزيمات في الأماكن الصحيحة في الكروموزومات البشرية فيمكن للناس أيضاً أن يكتسبوا مقاومة إضافية .

الحد من السعرات الحرارية
عرف الباحثون منذ العام 1935 أنه عند إخضاع الفئران والجرذان في المختبرات لغذاء منخفض السعرات الحرارية حوالي 30 إلى 50 في المئة من السعرات التي تأخذها عادة , فإنها تعيش حوالي 30 في المئة أطول من زميلاتها إذا كانت تنال قسطاً وافراً من الغذاء . ومرة ثانية , يبدو أن الجذر الحرة تبدو مسؤولة . فكلما قلت كمية الغذاء التي تستهلك , كلما قلت الجذر الحرة الناتجة . وربما يكون هذا لأن آلية توليد الطاقة للاخلايا الخاضعة لحمية منخفضة السعرات تعمل بفعالية أعلى كما تفعل خلال القيام بالتمارين الرياضية . مامن دراسات أكيدة عن كيفية تأثير الحد من السعرات على الإنسان لكن الباحثين يتوقعون أن يأتي يوم تعُزز فيه الأدوية فعالية الخلايا بدون اتباع الحمية .

استبدال الأعضاء
إن لم يتمكن الباحثون من وقف عملية الشيخوخة , فقد يمكنهم اتباع أسلوب التصليح الميكانيكي حيث يستبدل العضو المتعب بآخر سليم . فإن فشلت عملية زرع العضو , فذلك يكون عادة لأن الجهاز المناعي عند المستقبل قد رفضه . لكن إن تمت تنمية العضو في المختبر فهو يستنسخ من خلايا الشخص المستقبل حتى لايرفضه الجسم . وفي المقابل , يعمل الباحثون على عزل البروتين في الخلايا الحيوانية التي تحث رد الفعل المناعي . هذه الخلايا المولدة يمكن أن تُستنسخ وتتم تنميتها في الجنين . ويمكن استخدام الخلايا الجينية , أو الخلايا العصبية , وربما أعضاء كاملة لاحقاً , لعمليات الزرع عند الناس . باحثون آخرون يعملون على بناء الأعضاء من الصفر , وتركيب الجلد والعظم واستنبات الكبد اصطنـاعياً .




المصدر
صحيفة سعودي 24
http://saudi24.net/technology/11990.html




بقلم :
د صالح بن سليمان الحربي