المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسن عسيري: إجراءات المالية تقف ضد نجاح التلفزيون السعودي


زهراء فحام
12-31-2014, 01:44 PM
تحدَّث عن ضعف ميزانيات "هيئة الإذاعة والتلفزيون" وموجهاً تساؤلات عدة


حسن عسيري: إجراءات المالية تقف ضد نجاح التلفزيون السعودي


http://www.m5zn.com/newuploads/2014/12/31/jpg//c81a4e14d122f86.jpg

اتهم الفنان حسن عسيري، الأمين العام لجمعية المنتجين السعوديين، إجراءات وزارة المالية بالوقوف ضد نجاح التلفزيون السعودي، خاصة في المرحلة التي تتطلبها السعودية خلال هذه السنوات.

وتفصيلاً، قال عسيري في حديثه لـ"سبق": "حتى أكون صادقاً معكم ومع نفسي، أعرف وأعترف بأن ما أكتبه هنا لن يهز شعرة واحدة بأي مسؤول في وزاره المالية، من الوزير إلى أصغر موظف، وأقسم بذلك على كتاب الله، لكنني -والله يشهد- أكتبه وأنا أكثر المنتجين حظاً وإنتاجاً وعقوداً مع قنوات أجنبية وعربية وخليجية ومحلية، لكن ما يحدث مؤلم جداً، وغير مبرر إطلاقاً. ولا أكذب إن قلت إن ما شجعني على الحديث هو الأمل بوزيرنا العاقل والأخلاقي عبدالعزيز الخضير".

وأضاف عسيري بقوله: "مشاهدو القنوات الحكومية السعودية، التي يرحل عنها مشاهدها الوطني إلى قنوات أخرى تملأ الفضاء، سيندمون كثيراً عندما يرون في أبنائهم كثيراً من الفقد الأخلاقي نتيجة الحقن اللاواعي الذي يتلقونه في كل لحظة تحت شعار (الترفيه البريء).

العقلاء في هؤلاء المشاهدين - وهم بإذن الله كثير - يتساءلون إن كانت وزارة المالية تقف بشكل واضح ومخطط واستراتيجي ضد نجاح تلفزيوننا الرسمي، ويتألمون أن ذلك يتم بشكل علني، ولم يعد يخجل منه كل من في وزارة المالية، وكأنه قرار متعمد ومقصود ومدروس بعناية، ويهدف بشكل أساسي إلى تطفيش المشاهد السعودي بأفضل حالات الرفض والتقشف والتعنت ضد أي خطط تطويرية فكرت بها هيئة الإذاعة والتلفزيون، بعدما قيل إنها أصبحت هيئة مستقلة لتنجح. وكانت هذه هي الخدعة الأكبر في تاريخ الإعلام السعودي.

وأقسم بالله أننا سنندم كثيراً جداً على هذا التجاهل والسماح بالانهيار والموت لهذه الهيئة وهي في مهدها".

وقال: "لكم أن تتصوروا أن ميزانية الهيئة - كما أعلنها رئيسها عبدالرحمن الهزاع - تبلغ ملياراً و900 مليون ريال، وأن المخصص للبرامج منها ما نسبته فقط 8 %.

http://www.m5zn.com/newuploads/2014/12/31/jpg//78da7808c2ae83e.jpg

وبكل غبن وألم، نيابة عن ملايين المشاهدين وملايين الراحلين، أكرر أنها 8 % فقط من ميزانية التلفزيون السعودي للبرامج، تقوم وزارة المالية بتخصيصها بنفسها، ولا تسمح لكائن من كان بأن يزيدها مهما كانت دراساته ونقاشاته ومنطقه وحواره، وإن تفضلوا فلن تكون الزيادة أكثر من 10 %؛ ما يعني أنه يستحيل إنتاج محتوى يتطلب إنفاقاً استراتيجياً وسيادياً لمرحلة ما، فلا يمكن لهيئة الإذاعة والتلفزيون أخذ مخصصات مالية من باقي الميزانية؛ لأن الـ92 % من ميزانية التلفزيون مخصصة لأشياء أخرى، ومخصصة بالبنود في الميزانية".

وأكمل عسيري قائلاً: "هل يصدق أحد في الدنيا هذه النسبة التي لا يتخيلها أي مخطط استراتيجي على سطح الكرة الأرضيّة؟ هذا يعني أيضاً أن المحتوى، الذي بسببه يحدد المشاهد السعودي هجرته إلى قنوات أخرى أو بقاءه مع قنواته المحلية، لديه الحد الأدنى من الميزانية التي تذهب معظمها إلى مصاريف تشغيلية، لا يشعر بها المشاهد، ولا تقبل وزارة المالية المخططة لهذا أن يتم تحويل أي بند لصالح البرامج، وإن تم فإن من حوّله يصبح مجرماً قانونياً".

وأردف: "أما المحتوى وتطوير المحتوى ومخاطبة الشباب والبنات بشكل احترافي محتشم، يتوافق مع سماحة بلادنا وحضارتها وتحضرها، فهذا مرفوض من وزارة المالية تماماً؛ فهو شأن ترفيهي، لا أهمية له حتى الآن. فهمُّنا أن ما نشاهده من محتوى على 9 قنوات محلية لا يتعدى 128 مليون ريال، وأن كل قناة لن تكون موازنتها أكثر من 14 مليون ريال.

علماً بأن قناة مثل أبوظبي مثلاً، أو روتانا، أو دبي، تصرف ما لا يقل عن 500 مليون ريال سنوياً على البرامج فقط، وهذا يحدث بالتزامن مع نمو سرطان داعش في العراق التي تلاصقنا على طول 800 كيلومتر في الحدود الشمالية من السعودية، وحوثيين في الخاصرة الجنوبية للسعودية، مع خلايا متطرفة في الداخل السعودي تتعاطف مع داعش، ومرشحة لأن ينمو فيها هذا السرطان أيضاً".

وأكمل: "كل هذا والتلفزيون المحلي لا يستطيع أن يجد ميزانيته الخاصة في إنتاج محتوى يليق بالمرحلة من برامج ووثائقيات ودراما. ويأتي هذا في الوقت الذي تستمر فيه إيران بإنتاجها التلفزيوني الغزير بملايين الدولارات، ولم تكتفِ بذلك فقط، بل قررت مخاطبتنا مباشرة من خلال إطلاق قناة موجهة للأسرة، تقوم بدبلجة الإنتاج التلفزيوني الإيراني إلى اللهجة العربية، وذلك رغم الظروف الاقتصادية التي تعيشها إيران بفعل الحصار والاستنزاف الذي تتعرض له من خلال تمويلها المستمر لحكومة بشار الأسد في حربه ضد شعبه، إلى جانب تمويل الحوثيين وتمويل حزب الله".

وقال عسيري: "المشهد الآن بدأ ينجلي قليلاً: داعش، إيران، حوثيون، إخوان، نظام بشار الأسد ومتطرفون في الداخل. ومع ذلك لم يؤمن أحد في وزاره المالية، ولن يؤمن طالما أنهم هكذا فكروا أصلاً".

وأضاف: "إن صناعة المحتوى (البرامج) النوعي والمؤثر والمقنع والاحترافي تحتاج إلى ميزانيات منطقية، تتوافق وملامح المرحلة السياسية أو الاقتصادية أو الرياضية".

وزاد في حديثه قائلاً: "كلنا نثق ونعلم أن وزارة المالية هي المسؤولة والمطالَبة بأن تستمع، وأن تنصت لما تحتاج إليه هيئة الإذاعة والتلفزيون خاصة، وأنها من يدير ملياراتنا، ومن تناقش الوزارات والهيئات، وتقبل منهم ما تشاء، وترفض ما تشاء.. إلا أن المشكلة هي أنهم مجموعة من الخبراء الماليين والمحاسبين القانونيين والمدققين، لا يريدون أن يسمعوا أبداً عن أهمية المحتوى في صناعة الرأي العام، ومدى مطابقته ومساندته القرار السياسي السيادي للدولة".

وقال عسيري: "بالنسبة إليّ يبدو الأمر غريباً. هل وزارة المالية لا تريد أن يتطور التلفزيون؟ هل المسؤولون فيها لا يشاهدون القنوات المحلية؛ وبالتالي هي خارج مزاجهم العام؟ هل شعر القائمون على وزارة المالية باليأس؟ هل هم ممن رحلوا عن مشاهدة القنوات السعودية فلا يشعرون بها؟ هل ترى هذه القيادات التلفزيون على أنه الرجل المريض في بلادنا، ويجب خنقه وعزله؟ هل هناك نظرة ناضجة لما يتطلبه إنتاج الأغاني الوطنية؟ وكيف ستؤثر في الناس عاطفياً فتزيد حبهم لبلادهم؟ هل يكرهون إنتاج دراما عن التسامح في الستينيات السعودية من القرن الماضي؛ لأنهم لا يرونه مهماً؟ هل يدركون أهمية احتواء الشباب والشابات بالترفيه عنهم ورصد مؤشرات الهروب من المشاهدين؟ وتأثير ذلك على غياب صوت إعلامي داخلي أم أن هناك خططاً أخرى؟ هل هناك من يعي الفرصة الاستثمارية الإنسانية والوطنية في إنتاج مسلسل سعودي عملاق عن التيارات الدينية المتطرفة (بوضوح لا يقبل الشك)، ومقارنتها بإيجابية التيارات الوسطية داخل المجتمع الواحد؟".

وأضاف متسائلاً: "السؤال الأكبر: هل منحت المالية وقتاً كافياً لفريق الهيئة ليأخذ فرصته في التطوير؟ هل فكروا إذا كانت الـ8 % (تعادل 128 مليوناً تقريباً) موزعة على تسع قنوات محلية (المتوسط هنا 14 مليون ريال لكل قناة) كافية لإنتاج محتوى على مقاس المرحلة السياسية؟ وهل ميزانية البرامج والمحتوى بحجم الخطاب التاريخي الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وهو يخاطب رجال الدين بعدم السكوت تجاه ما يحدث؟ قد لا أكون دقيقاً في الأرقام، لكنها جزء كبير من الحقيقة".

واختتم عسيري حديثه قائلاً: "التلفزيون وقنواته جزء من المرحلة، وهو لسان الدولة، ولا يجوز لنا قص جزء منه لأسباب غير مفهومة. وإذا لم يتم حل الأمر ومنح التلفزيون فرصته لينجح متوافقاً مع الفرصة الذهبية بتحوله إلى هيئة مستقلة فستدفع بلادنا ثمناً باهظاً، ربما لا يتخيله أحد".

المصدر صحيفة سبق
http://sabq.org/0wugde