المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا أهل السنة والجماعة في دول الخليج { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }


hanikamel
03-16-2014, 06:53 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنام والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه رسالة أبعثها إلى أهل السنة والجماعة في دول الخليج من باب التواصي بالحق والنصح للخلق، فأقول وبالله أستعين:
إن الولاء والبراء ، والمولاة والمعاداة، لا تكون إلا على ما يحبه الله ويبغضه، وهذه العقيدة هي الأساس الذي يقوم عليه صرح الشريعة الإسلامية، والسعادة الإنسانية، بأن يجري قلب العبد في فلك ما يحب الرب ويبغض، وهي أوثق عرى الإيمان ، وباب رضا الرحمن.
قال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}.

قال ابن كثير –رحمه الله تعالى : (أي : يتناصرون ويتعاضدون ، كما جاء في الصحيح : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه وفي الصحيح أيضا : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم ، كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)اهـ
وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.

قال القرطبي –رحمه الله تعالى-: (أي في الدين والحرمة لا في النسب، ولهذا قيل : أخوة الدين أثبت من أخوة النسب، فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب) اهـ
وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

وقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}.

وقال تعالى: { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ }.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله , وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار ).

وقال –صلى الله عليه وسلم -: (أوثق عرى الإيمان : الموالاة في الله والمعاداة في الله , والحب في الله والبغض في الله عز وجل).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان).
فإذا تقرر ذلك فلا يجوز للعبد أن يحب ويبغض ، ويوالي ويعادي على عنصرية وشعوبية، وقومية وجنسية، وغير ذلك من أمور الجاهلية، مما فيه مصادمة لأمر الله ومعاندة، وتنكيس لمراده ومنافرة.
قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- في: [الفتاوى]: (وذلك أنَّ العبد يصير مُحبًّا لِمَا أحب الرب مُبغضًا لِمَا أبغض مُواليًا لمن يُوالي؛ مُعاديًا لمن يُعادي؛ فيتَّحد مراده مع المُراِد المأمور به الذي يُحبُّه اللَّه ويرضاه) اهـ
فإذا الواجب أن يكون الحب والبغض، والاجتماع والافتراق لله وفي الله، فهذا هو الميزان القسط ، وكل ما خالفه فهو ظلم وظلمة، وجاهلية منتنة، وحزبية خبيثة.

فاعتصموا يا سنة الخليج { بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا } واتبعوا سبيله { وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}، وإياكم ووسائل التقاطع والتدابر ، والتفرق والتناحر، فلا (تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا ولا تدابروا ) وكونوا عباد الله إخوانا، فإن المسلم (أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره)، بحسب (أمريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم) فإن ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه).

قال الشيخ عبد الله بن جار الله –رحمه الله تعالى- في: [الأمر بالاجتماع والائتلاف]: (فقد أوجب الله على المسلمين أن يكونوا إخوة مجتمعين على الحق، متحابين متعاونين على البر والتقوى، متناهين عن الإثم والعدوان، وشرع لهم ما يقوي هذه الأخوة والمحبة من الاجتماع على الصلوات والخمس والجمع والأعياد والحج، كما شرع لهم تبادل التحية والسلام والمصافحة وتشميت العاطس وإجابة الدعوة والنصيحة وعيادة المريض واتباع الجنائز وتبادل الهدايا وكل هذا من أسباب المحبة والألفة وإزالة العداوة والبغضاء.
فعلى المسلمين أن يبتعدوا عن العداوة والبغضاء والفرقة والاختلاف والهجر لغير مقصود شرعي، والشحناء والقطيعة، فهذا ما يريده الشيطان منهم قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم» رواه مسلم. فلم يزل عدو الله إبليس يحرش بين المسلمين ويوغر صدورهم ويوسوس لهم ويلقي في قلوبهم العداوة والبغضاء والحسد والتهاجر والتقاطع والتنافر والتناحر حتى وصلت الأمة الإسلامية إلى ما وصلت إليه من العداوة والبغضاء والاختلاف والتفرق شيعًا وأحزابًا: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53] وهذا ما يريده أعداء الإسلام منهم حتى تضعف شوكتهم وتذهب قوتهم ومعنويتهم، كما قال تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] وهذه هي سياسة الأعداء على حد قولهم: «فرق تسد») اهـ

صدق رحمه الله تعالى ، وقد أعمل أعداء الأمة الإسلامية هذه القاعدة الخبيثة فيها بأساليب ماكرة، وطرق شيطانية ، فضربوا قلوب بعضهم ببعض، حتى صاروا شذر مذر ، وتفرقوا أيادي سبأ ، ففشلوا وذهبت ريحهم ، وسقطت هيبتهم، وتداعت عليهم أعداؤهم ، كما تداعى الأكلة على قصعتها، فصاروا في مهانة وذلة ، وفرقة وعزلة ، بعد أن كانوا في مهابة وعزة ، وهناء وقوة، وهذه هي ثمرة شجرة التطاحن ، ومحصول أرض التشاحن.

فاحذروا من وزغ الفتنة الذين ينفخون في نار التفرق والعدواة، واصرخوا جميعا في وجوههم بصوت فصيح:

ربنا واحد

وديننا واحد

ورسولنا واحد

وقبلتنا واحدة

وسنظل أمة واحدة

اللهم وحد صفوف المسلمين وألف بين قلوبهم واجمع كلمتهم على الحق ، واكبت عدوهم واجعل كيده في نحره

هذا والله أعلم وأحكم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


كتبه: أبو الحسين/ يونس الصباحي


المصدر
http://bit.ly/1e247U2