المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لكلمات التى لا تكتب بالحبر ولا بماء الذهب


malakwab
06-05-2015, 08:44 AM
إخوانى الأعزاء وأخواتى الفضليات
حيااااكم الله وبيااااكم
وجعل الجنة مثوانا ومثواكم
وبعد : ــ
إن القاريء المتأمل في كتابات سيد قطب
رحمه الله ... ليعجب من كيفية صياغته للكلام بطريقة أدبية
بارعة الجمال ... بسيطة المبانى ... كثيرة المعاني
وقد كان سيد رحمه الله أدبياً لا يجارىَ
وسيفاً في وجه الطغاة لم ينكسر ولم يكسر الى يومنا هذا
وقد كانت كلماته رحمه الله أعراساً من الشموع حتى ما إن مات من أجلها ... قامت منتفضة حية ...تُحيي الجموع
فلله دره وعلى الله أجره ... ونسأل الله أن يعفو عن زلاته
وأن يجعله ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم
" سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله "... ااااااااامين
...
كنت أطوف بين بساتين الظلال وطوفت بين جنبات معالم على الطريق ... وانتهيت بأفراح الروح ...
فسرت روحى وعلت همتى وانبعث فيّ الأمل من جديد
فاليكم بعض الكلمات التى لا تكتب بالحبر ولا بماء الذهب
ولا حتى بماء العيون ... لأن ما كتب بالدماء
لابد أن تسطره الدماء ...!!!

.....



الإنسان لا يستغني عن الله


من الناس في هذا الزمان، من يرى في الاعتراف بعظمة الله المطلقة غضّاً من قيمة الإنسان، وإصغاراً لشأنه في الوجود: كأنما الله والإنسان ندّان، يتنافسان على العظمة والقوة في هذا الوجود!.



أنا أحس أنه كلما ازددنا شعوراً بعظمة الله المطلقة، زدنا نحن أنفسنا عظمة، لأننا من صنع إله عظيم!.




إن هؤلاء الذين يحسبون أنهم يرفعون أنفسهم حين يخفضون في وهمهم إلههم أو ينكرونه، إنما هم المحدودون، الذين لا يستطيعون أن يروا إلا الأفق الواطئ القريب!.



أنهم يظنون أن الإنسان إنما لجأ إلى الله إبّان ضعفه وعجزه، فأما الآن فهو من القوة بحيث لا يحتاج إلى إله! كأنما الضعف يفتح البصيرة، والقدرة تطمسها!.



إن الإنسان لجدير بأن يزيد إحساساً بعظمة الله المطلقة كلما نمت قوته، لأنه جدير بأن يدرك مصدر هذه القوة، كلما زادت طاقته على الإدراك…



إن المؤمنين بعظمة الله المطلقة لا يجدون في أنفسهم ضعة ولا ضعفاً، بل على العكس، يجدون في نفوسهم العزة والمنعة، باستنادهم إلى القوة الكبرى، المسيطرة على هذا الوجود. إنهم يعرفون أن مجال عظمتهم إنما هو في هذه الأرض، وبين هؤلاء الناس، فهي لا تصطدم بعظمة الله المطلقة في هذا الوجود. إن لهم رصيداً من العظمة والعزة في إيمانهم العميق، لا يجده أولئك الذين ينفخون أنفسهم كـ " البالون " حتى ليغطي الورم المنفوخ عن عيونهم كل آفاق الوجود!.

....

بين شجرة الخير وشجرة الشر







بذرة الشر تهيج، ولكن بذرة الخير تثمر، إن الأولى ترتفع في الفضاء سريعاً، ولكن جذورها في التربة قريبة، حتى لتحجب عن شجرة الخير النور والهواء، ولكن شجرة الخير تظلُّ في نموها البطيء، لأن عمق جذورها في التربة يعوِّضها عن الدفء والهواء…



مع أننا حين نتجاوز المظهر المزور البراق لشجرة الشر، ونفحص عن قوتها الحقيقية وصلابتها، تبدو لنا واهنة هشة نافشة في غير صلابة حقيقية!… على حين تصبر شجرة الخير على البلاء، وتتماسك للعاصفة، وتظلُّ في نموها الهادئ البطيء، لا تحفل بما تَرْجُمُها به شجرة الشر من أقذاء وأشواك!…



........



طريق العظمة الحقيقية



حين نعتزل الناس، لأننا نحس أننا أطهر منهم روحاً، أو أطيب منهم قلباً، أو أرحب منهم نفساً، أو أذكى منهم عقلاً، لا نكون قد صنعنا شيئاً كبيراً… لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل، وأقلها مؤونة!.



إن العظمة الحقيقية: أن نخالط هؤلاء الناس، مُشْبَعين بروح السماحة، والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم، وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم، ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع!.



إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا، ومثلنا السامية، أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثني على رذائلهم، أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقاً.. إن التوفيق بين هذه المتناقضات، وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد: هو العظمة الحقيقية!.

....

الفرق بين العلم والمعرفة





الفرق بعيد... جِدُّ بعيد...: بين أن نفهم الحقائق، وأن ندرك الحقائق... إن الأولى: العلم... والثانية هي: المعرفة!...


في الأولى: نحن نتعامل مع ألفاظ ومعان مجردة... أو مع تجارب ونتائج جزئية...



وفي الثانية: نحن نتعامل مع استجابات حية، ومدركات كلية…



في الأولى: ترد إلينا المعلومات من خارج ذواتنا، ثم تبقى في عقولنا متحيزة متميزة…



وفي الثانية: تنبثق الحقائق من أعماقنا. يجري فيها الدم الذي يجري في عروقنا و أوشاجنا، ويتسق إشعاعها مع نبضنا الذاتي!...



في الأولى: توجد " الخانات " و العناوين: خانة العلم، وتحتها عنواناته، وهي شتّى. خانة الدين، وتحتها عنوانات فصوله وأبوابه... وخانة الفن، وتحتها عنوانات مناهجه واتجاهاته!...



وفي الثانية: توجد الطاقة الواحدة، المتصلة بالطاقة الكونية الكبرى... ويوجد الجدول السارب، الواصل إلى النبع الأصيل!...

.....





كيف نضاعف حياتنا


عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود!…


أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!…



إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهماً، فتصور الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا. فليست الحياة بِعَدِّ السنين، ولكنها بعدادِ المشاعر، وما يسميه " الواقعيون " في هذه الحالة " وهماً "! هو في " الواقع " حقيقة "، أصحّ من كل حقائقهم!… لأن الحياة ليست شيئاً آخر غير شعور الإنسان بالحياة. جَرِّدْ أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي! ومتى أحس الإنسان شعوراً مضاعفاً بحياته، فقد عاش حياة مضاعفة فعلاً…



يبدو لي أن المسألة من البداهة بحيث لا تحتاج إلى جدال!…



إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية!.

.....





الغاية لا تبرر الوسيلة

مـن الصعب علي أن أتصور كيف يمكن أن نصل إلـى غاية نبيلة باستخدام وسيلة خسيسة!؟


إن الغاية النبيلة لا تحيا إلا في قلب نبيل. فكيف يمكن لذلك القلب أن يطيق استخدام وسيلة خسيسة؟ بل كيف يهتدي إلى استخدام هذه الوسيلة؟! حين نخوض إلى الشط الممرع بركة من الوحل لا بد أن نصل إلى الشط ملوّثين... إن أوحال الطريق ستترك آثارها على أقدامنا، وعلى مواضع هذه الأقدام، كذلك الحال حين نستخدم وسيلة خسيسة: إن الدنس سيعلق بأرواحنا، وسيترك آثاره في هذه الأرواح، وفي الغاية التي وصلنا إليها!.



إن الوسيلة في حساب الروح جزء من الغاية. ففي عالم الروح لا توجد هذه الفوارق والتقسيمات! الشعور الإنساني وحده إذا حس غاية نبيلة فلن يطيق استخدام وسيلة خسيسة.. بل لن يهتدي إلى استخدامها بطبيعته!



" الغاية تبرر الوسيلة!؟ ": تلك هي حكمة الغرب الكبرى!! لأن الغرب يحيا بذهنه، وفي الذهن يمكن أن توجد التقسيمات والفوارق بين الوسائل والغايات!.



.........



حول الحرية والعبودية



أحياناً تتخفى العبودية في ثياب الحرية، فتبدو انطلاقاً من جميع القيود: انطلاقاً من العرف والتقاليد، انطلاقاً من تكاليف الإنسانية في هذا الوجود!.



إن هنالك فارقاً أساسياً بين الانطلاق من قيود الذل والضغط والضعف، والانطلاق من قيود الإنسانية وتبعاتها، إن الأولى معناها التحرر الحقيقي، أما الثانية فمعناها التخلي عن المقومات التي جعلت من الإنسان إنساناً، وأطلقته من قيود الحيوانية الثقيلة!.



إنها حرية مُقَنَّعَة، لأنها في حقيقتها خضوع وعبودية للميول الحيوانية، تلك الميول التي قضت البشرية عمرها الطويل وهي تكافحها، لتتخلص من قيودها الخانقة، إلى جو الحرية الإنسانية الطليقة…



لماذا تخجل الإنسانية من إبداء ضروراتها؟ لأنها تحس بالفطرة أن السمو مع هذه الضروريات هو أول مقومات الإنسانية و، أن الانطلاق من قيودها هو الحرية، وأن التغلب على دوافع اللحم والدم، وعلى مخاوف الضعف والذل، كلاهما سواء فـي توكيد معنى الإنسانية!.

..........