المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اصرخي يا زهرتي ولا تتوقفي عن الصراخ


malakwab
06-04-2015, 11:19 PM
- ســــعديـــــة! صرخ عماد بصوته الجهوري: "اهدئي يـا مجنونة، ماذا تفعلـين؟!" أبعد يدها ساخطا، وقد تسللت إلى أزرار محرّمة... هب مسرعا، ينفث غضبه، يقتحم هدوء والديه...

- استيقظ يا أبي.. سعدية أصبحت لا تطاق، تضرب بعرض الحائط العرف والدين.. تمرغ كرامتنا واسمنا بالطين، الجميع صار يستهزئ بنا. الأدهى والأمرّ "وسيم" لعنة الله عليه شوهد وقد اختلى بها في الزقاق الخلفي.. ونحن مشغولين عنها.

يقذف حمما مبعثرة بصوت يترجرج قهرا ثم يجهش بالبكاء.. دمعه يسقط نارا تلتهم وجنتيه النضرتين..

ولم تكن تلك الشكوى الأولى.

سعدية بهجة البيت وزهرته البرية، تعودت مطاردة الأطفال منذ نعومة أظفارها، بعدها تنفجر بضحك هستيري لمّا يهربوا خائفين.

كلما كبرت في العمر، تزداد إزعاجا، فانصرف الزبائن عن الشراء من دكان ابيها، فتناقص دخلهم، وأصبح عيشهم كفاف يومهم.

بالرغم من جمالها الملائكي، لكنها تعاني الإعاقة، أنجبتها أمها في سن متأخرة، بعد ولادات متكررة لأربعة من الذكور الأصحاء وبفارق عمري كبير. الأولاد بعكسها أذكياء متقدمين بتحصيلهم العلمي، يطمحون لتبوأ أحسن المراكز.

سعدية اخضّرّ جسدها في سن مبكرة جدا، وأينعت ثمرة ناضجة. في غياب المنطق وبعدما أيقظ ابن الجيران "وسيم" مشاعرها تحولت قطة شرسة، وظّفت مراهقتها المتوحشة لمطاردة الشباب، تتبعهم في كل مكان تتلمسهم ترغب بإشباع رغباتها. ذات مرة شدت أخاها المراهق الصغير من بنطاله، فهوى أرضا وقد انزلقت عنه ملابسه، وفرّت من أمامه ضاحكة مستفزة، هذه العادة السيئة صارت جل هاجسها وهدفها...

- نعم طفح الكيل فعلا، أختك تتلبسها جنيّة شريرة.. رد الوالد بائسا: أعرف إنها بمثابة حجر عثرة أمامكم، وستصعب عليكم تحقيق ما ترومونه ولسوء سمعتها لن تصبح وزيرا، لكننا سنجد حلا...

التفت إلى زوجته، ودبت قشعريرة الحل، في اتفاق صامت ما بينهما...

أم عماد الزوجة والأم.. قوية صبورة لكنها بسيطة غير متعلمة، كرست جهودها في خدمة أبنائها، لكنها تجهل أصول التعامل مع سعدية.

- ( أمـــــي ...) كلمة تجتاح عروق الأمومة وتحتلها.

نادت سعدية بلغة ركيكة، مع بسمة بعيون متوهجة تمتلئ بالحياة. تتحسس بطنها بحنان، فرحة تردف:
(هــنا في بــيــبـــي)، تبسمت لها ابتسامة باهتة صفراء، تحاول بصعوبة ضبط أعصابها.. تحبس دمعات عصية تود الانسكاب.

- أممم.. حسناً عزيزتي، تعالي أضعك في السرير. سأقص عليك قصتك المفضلة "ليلى والذئب" (بفستانها الأحمر) ..

صفقت بيديها الرقيقتين، بصخب طفولة تركتها وراءها من فترة بسيطة، واندست في فراشها، تتلذذ بدفء أمها تمسد شعرها.
- هاتي وسادتك.. سنمثل معا مشهد إنهاء الذئب حياة جدة ليلى.. ركزي معي.. أمسك الوسادة ثم وضعها على وجهها هكذا مثلي تماما...

تقاوم.. ترفرف بيديها كالفراشة "آآآه... أمي... لاااااا".تحياتي جان جوان